استنارة الفكر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

استنارة الفكر

أفمن كان ميّتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظّلمات ليس بخارج منها
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 فكرة الدّيمقراطيّة : انتخب من يقضي عليك

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 31
تاريخ التسجيل : 05/01/2016

فكرة الدّيمقراطيّة : انتخب من يقضي عليك Empty
مُساهمةموضوع: فكرة الدّيمقراطيّة : انتخب من يقضي عليك   فكرة الدّيمقراطيّة : انتخب من يقضي عليك Emptyالثلاثاء فبراير 09, 2016 9:20 am

فكرة الدّيمقراطيّة : انتخب من يقضي عليك
في عصور الاقطاعيّات الأوروبية قبل الثّورة الفرنسية ,بدأت أفكار عديدة في الظهور. وأخذت في الانتشار ,بفضل ما توفّر لها من مفكرين ,أخذوا على عاتقهم إزالة الموجود, و تقويضه, مهما كان الثمن, وتعويضه بأسلوب في الحكم ,يلغي المتمعّشين من النظام الموجود ,ويجعل فرصة لغيرهم للوصول.
كانت هناك عقبة أمام الوصول إلى الهدف ,وهي - من يقوّض الموجود ؟-,خاصّة وأنّ الحقّ الإلهي مترسّخ في وجدان الشّعوب.وأخذ منحى العرف من الصّعب إخراجه. لذلك كان نشر أفكار توقظ الغرائز المتأهّبة للسّيادة والقوة ,وتحفيز النّفوس على افتكاك الزعامة ,وخلق جوّ من ردود الأفعال الغريزية :مثل الحرية – المساواة – العقل – التفكير العقلاني في المسلمات ...,أساسيّة لإيجاد القوّة الجماهيرية اللّازمة للتغيير,دون أن تعي هذه الجماهير الأفكار,أوأن يكون لها تعريف واضح وجلي.المهمّ هناك المال الذي يحتاج إليه المفكّر حتى يجد ما يوقظ به الشّعوب النّائمة. يوقظها مرّة .ثمّ يعيدها إلى سباتها .
صنع إذن رأي عام دون وعي ضدّ الموجود.وكان هذا هو القصد .زكّاه الإيهام بالغنى و الثروة التي كانت محتكرة عند المحظوظين . من هذه الأفكار الدافعة على التأهّب و الافتكاك :فكرة الديمقراطية .تم اخراجها من تراث الإغريق ,كما غيرها. وكانت سلاحا فتّاكا .قضت على النظام القديم. وجعلت الشّعوب تحلم بالسّيادة ,والزّعامة ,لا ينافسها أحد. و لا يحتكرها أحد. .وكانت الفكرة أسلوب في الحكم جديد,قديم. لم تفقهه الشّعوب,لكنّه مغري - حكم الشّعب بالشّعب و للشّعب - وكأنّها كلمات سحريّة قلبت الواقع إلى واقع آخر ,بنظام جديد و مشاعر أخرى ومقاييس جديدة .
احتار المفكّرون في تنزيل فكرة حكم الشّعب على أرض الواقع ,وتمّ تقديمها بوصفات متعددة :مرّة بديمقراطية شعبية ,كرست حكم فئة مافيوزية بإدارة الحزب الحاكم,تستغفل مجموعة من اللّجان المصنوعة ,ومرّة بديمقراطية ليبراليّة اجرائية كرّست هيمنة فئة خفيّة تمارس الحكم من وراء حجاب ,ومرّة تسوق أنها أخلاقيّات وليست أسلوب في الحكم ,ومرّة أنّها حلم جميل, يساق النّاس اليه في طريق لا يعرف منتهاه,كما الجزرة توضع أمام الحمار,حتّى يتحرّك.
هذه الحيرة توضّح ولو بصفة غيرمباشرة, تشتّت المفكرين, الذين وكأنّهم يقدّمون هذه الوصفة السحرية خدمة لمجهول, لا يريد الإعلان عن نفسه .فقدّم هذا الأسلوب الذي سيحكم بإسم الشّعب .المشكل هنا أنّ المفكر المقدم للفكرة ,والسّياسي المطبّق للفكرة والقوي المدافع عن الفكرة ,عبارة عن جنود في الصّفوف الأولى ,عرضة للتضحيّة بهم في أوّل اختبارتطبيقي للفكرة, يوحي بفشلها ,أو يفضحها أمام عبيدها .فيصبح الخطأ في الأشخاص و الهيئات .وتوضع الجزرة مرة أخرى أمام الحمار ليلهث وراءها .ويعاد صياغة التاريخ, ليرجع الى حدوده الأولى ويصبح السياسي الفاشل حاكما مستبدّا ,ديكتاتوريّا ,لا علاقة له بالفكرة,منبوذا, تكون الشعوب مستعدّة للدّوس عليه و العبث به,وذبحه على عتبة الهيكل المقدس للإرادة الشعبيّة .وتكون هذه الشّعوب غير قادرة على التمييز بين الفرد و الفكرة.فهي المقدّس, المنشود الذي لا يجب الخوض فيه و العبث بقدسيته ,وحتى لا يكون هناك نعت بالكفر به والارتداد عنه .وهذا يعني الدّخول في عالم المارقين ,الأشرار,الذين يعيشون كالوطاويط .يخرجون متى طلب منهم ذلك حتى يعبروا للشعوب عن سوداوية الطرف الفكري الآخر.فيحمدون مقدسّهم و يرجعون للبحث عن من يعلقون عليه سيادتهم الضائعة. فيتلقفهم المجهول بشخصيات جديدة يختارونهم بمحبة و تسليم و يرجعون الى حياتهم ينتظرون المنشود الذي لن يأتي.
وفي الأخير يبقى المجهول متنفذّا في مكانه العلوي يعيّن آخرين من طابوره اللّامتناهي للتضحية بهم في معبد الحرية,غير آبه إلّا بضخامة مكتسباته و نعيقه بفقدانها,وبكثرة الفاتحين للأفواه ,طالبين تقزيم الثروة التي بقي ردها من الزمن في محاولة تنميتها,وادّعاء أن ذلك هو سرّ الحياة.
تبقى في الأخير فكرة حكم البشر الطاغي,هي محور الفكرة .هذا البشري المهووس بالإفساد والطغيان لا يبقي و لا يذر, لإبقاء نفسه فوق الجميع . في ذاته نقص وضعف, يغطيها بالمشروعيّة في الحكم . فهي باسم الاله أو باسم فرد, أوبإسم المجموعة.المهمّ هناك من يغطي عوراته. ويبقى الضعفاء يدورون في العجلة ينتظرون الفرج. يخرجون يوم عطلة ,للقيام بطقوس الانتخاب في بهرج مبالغ فيه .يعبّرون عن فرحتهم عند تقديم حياتهم للمجهول يعبث بها . و ينظرون الى السماء محملقين فيها ,يشعرون بلسعة الظلم.ولا يستطيعون فهمه و لاالإتّقاء منه.حتّى عند الصّيحة ,والتّعبير عن الألم إختاروا من يصيح عوضهم ,ومن يعبّر عن آلامهم.لأنّ المجهول يعرف خطرهم ,في الانقلاب عليه .فوضع أمامهم هيئات منهم ,يعرف كيف يتعامل معهم .وسمّاهم مجتمع مدني ,شريك له في الحكم ,وليس بشريك . المهمّ في النّهاية,تعتقد الجماهير,أنّها أصحاب السّيادة وما يحصل من أذى هو من صنعهم.يعالجونه بإعادة الكرّة.
العجلة تدور .والنّاس تدور معها .يشبع بعضهم ,بفقر البعض الآخر. وينسون أنّ نقصهم و ضعفهم ,يلزمه قوة خارجة عنهم تعالج مشاكلهم و تلغي الظلم فيهم. وتنظر إلى ضعيفهم قبل قويّهم. وليس الحلّ بيدهم .أو بيد من يختارونهم. لكن النظرة النّاقصة تجعل كل من هبّ يصعد إلى كرسيّ الفكرة. وينادي بالحكمة الواهية و بالحل السحري.وبالارادة الزائفة,التي يقال عنها أنّها تعبر عن إرادة الجماعة .وهي لا تعبّر إلا عن إرادة المجهول الذي يضخّ ماله ليتمترس بنظام ,كرّس الوهم من خلال النفخ في الفراغ.
توهّم هذا الانسان أنّه ببحثه في القوانين الكونية و تقليدهاعلما و تقنيّة - وهو المتاح له-, يمكن له الغوص في أعماق الإنسان والتمكّن من إرضاءه ,واخراج افكار تعالج مشاكل الاجتماع الانساني .فإذا بها تكون في تماهي مع صنف محدود من هذا الاجتماع البشري تنفّذ إرادته وجشعه.وترضيه بملاذ الدنيا.
المشكلة أن نظرة مستنيرة ,تدل أن هذا الإنسان لا يعرفه إلا من خلقه. وهو المبشّر من اتّبع أوامره بالسعادة .والمنذر من اتبع هواه بالشقاوة. فصّل في كتاب منزل, أنّه الوحيد الخبير بهذا الإنسان ,العليم به .قدّم اليه أفكارا في جميع الشّؤون.تلبّي له حاجاته ,وتريه المعنى الحقيقي للعبوديّة .وتغنيه عن الانقياد الى سحرة, يلعبون بلحن القول دون فعل. لكن تلك النظرة تتطلّب عقلا يصل بالإنسان إلى فهم معنى وجوده في هذه الحياة,وعلاقة وجوده بما قبل الحياة و ما بعد الحياة ,حتّى يسلّم.ويكون فعلا إنسانا مكرّما ,بعيدا عن الحيوانيّة الغريزيّة. ويعترف بواقع حقيقي ,وليس زائف ,أنّه ليس بصاحب سيادة ,وأنّ من خلقه فعلا له السّيادة الفعليّة في التشريع وما عليه الا التطبيق .فهو صاحب السّلطان ,يقدّمها لمن كانت فيه الشّروط ,المنبثقة من أوامر الخالق .ويكون هو الحارس ,الحامي للأوامر و النواهي .لا يستكين في السّهر على تنفيذ المطلوب من الخالق .وليس لفئة مجهولة ولا معلومة ,الحق في التّدخّل في الأوامر و النّواهي .لأنّه لا حصانة لأحد ,ولا أمر لأحد فوق صاحب السّيادة .
هكذا يكون خروج النّاس من بوتقة الظلم وطغيان الأفراد ,بالتّحرّر من قيود الهوى ,وفهم حقيقة وجودهم في هذه الحياة: العبوديّة لله وحده.
ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://istinara.rigala.net
 
فكرة الدّيمقراطيّة : انتخب من يقضي عليك
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مفهوم السيادة في المنظور الغربي: فكرة لا واقع لها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
استنارة الفكر :: الفئة الأولى :: فكر-
انتقل الى: