استنارة الفكر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

استنارة الفكر

أفمن كان ميّتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظّلمات ليس بخارج منها
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 صناعة القوانين:بحث ألفراد كينساي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 31
تاريخ التسجيل : 05/01/2016

صناعة القوانين:بحث ألفراد كينساي  Empty
مُساهمةموضوع: صناعة القوانين:بحث ألفراد كينساي    صناعة القوانين:بحث ألفراد كينساي  Emptyالثلاثاء يناير 12, 2016 10:57 am

يعرّف جون جاك روسّو القانون في كتابه العقد الإجتماعي بأنّه التعبير على رغبة عامة لدى شعب ما . فينتظم النّاس في المجتمع بقوانين تعبّر عن رغبتهم العامة و تسنّ القوانين وفق ما نراه و نستنتجه من الرّغبات عند عامّة الشعب فيكون المشرّع في الجتمع معبّرا عن رغبة عامة لدى الجماهير .
و لكي نرى كيف تُصنع القوانين في المجتمعات الدّيمقراطيّة الرائدة في العصر الحديث سنأخذ مثلا حيّا على ذلك : في سنة 1953 ختم ألفراد كينساي مجموعة أبحاث بدأها سنة 1948 في الولايات المتحدة الأمريكيّة حيث قام بعمل ميداني إتّصل فيه بآلاف الأمريكيّين لإستجوابهم في موضوع ممارساتهم الجنسيّة و قال في عنوان بحثه أنّه تواصل مع مختلف الأوساط و بخاصّة ما أطلق عليها إسم الطّبقة الوسطى و الّتي يعتبرها رمزا طبيعيّا لتمثيل الرّأي العام الأمريكي:
 
نتيجة بحث ألفراد كينساي نقول بأنّ رجلا أمريكيّا من عشرة يمارس الشّذوذ الجنسي بشكل مستمرّ ، رجلا من إثنين يمارس الخيانة الزّوجيّة بإنتظام ، رجلين من ثلاثة يمارسان الجنس مع المومسات بشكل دائم ، نصف نساء أمريكا يمارسن الجنس قبل الزّواج ، ربع نساء أمريكا يمارسن الخيانة الزّوجيّة و بشكل منتظم ، و سبعة و ثمانين بالمائة من الأمريكيّات أجهضن مرّة واحدة على الأقل … هذه بعض النتائج الّتي إنتهى إليها الجامعيّ ألفراد كينساي و فريق عمله و قال عن بحثه أنّه أكاديميّ إلتزم فيه الطّريقة العلميّة السّليمة في بحث القضايا الإجتماعيّة.
  بمجرّد طباعة الكتاب الّذي تظمّن تقرير كينساي, بدأت النّدوات الصحفيّة له و لفريق عمله. وتعاقبت المحاضرات الّتي كان يقوم بها في سائر الولايات. و سُخّرت له الصّفحات الأولى للجرائد الأوسع إنتشارا كما إنتشر بحثه في الصّحف العلميّة المتخصّصة. وبدأ ينتقل بين الإذاعات و التلفزيونات على إختلاف تخصّصاتها. فأصبح الأمريكيّون لا حديث لهم سوى تقرير كينساي على الممارسات الجنسيّة في المجتمع الأمريكي. ومن الطبيعي أن يأخذ الإعلام المرئي و المسموع و المكتوب نتيجة البحث كأساس لإستجواب السياسيّين و البرلمانيّين,ودفعهم للتعليق على القوانين الّتي تعاقب الزّنا و الشّذوذ و الإجهاض بعد أن إكتشفوا أنّها أي هذه القوانين الزّجريّة لا تعبّر عن الإرادة العامّة للأمريكيّين.وهنا هاج و ماج الكونجرس الأمريكي ,مع المؤسّسات القضائيّة. وإنتهى الأمر لتجميد كلّ العقوبات الّتي تتعلّق بالجنس و ما إرتبط به من إجهاض و شذوذ و أفلام إباحيّة … وأصبح الشّعار السّائد حينها فيما يتعلّق بالجنس هو ممنوع المنع أي إنقلبت القيم في وسط خمسينات القرن الماضي في أمريكا.وبدأت مرحلة جديدة تأسّست على تقرير الجامعي كينساي و إنتقلت العدوة لأروبا فكان شهر ماي ثمانية وستّون من القرن الماضي عنوانا لما سمّي بالثّورة الجنسيّة و تحرير المرأة.
التعليق الأوّل على ما حصل من سنّ لقوانين جديدة وإلغاء لقوانين قديمة,هو أنّ أمريكا أوأوروبا إلتزمت بمثل و قواعد تؤمن بها في سنّ القوانين. وأساسها تعريف القانون عند جون جاك روسّو. وهو أنّه تعبير على رغبة عامة للشعب. فيكون كينساي قد سبر الآراء و إستجوب ما يُعتبر ثلّة معبّرة عن الرأي العام في المجتمع, وممارساته .ويكون المشرّع الأمريكي قد إحترم رغبة الجماهير. وسنّ قوانين متناغمة مع هذه الرّغبة …
 هذه ملاحظة أولى. و بما أنّ هذا المقال ليس مقال رأي, و إنّما هو قراءة و تحقيق لا غير. فلابدّ من إبداء ملاحظات أخرى تتعلّق بطريقة بحث كينساي و ما ترتّب عليها:
أوّلا الكتاب الّذي تضمّن خلاصة بحث كينساي لم يقتصر على ما وضعه الإعلام في صحفه,بل شمل بحث كينساي مواضيع أخرى, كان لابدّ من التحفّظ عليها,لأنّها صادمة للرّأي العام الأمريكي والعالمي  و يمكن أن تنسف ببقيّة نقاط البحث الّتي أريد لها أن تبرز. ومن هذه النّقاط الصادمة على سبيل المثال لا الحصر: هوما قاله كينساي في كتابه من أنّ المتعة الجنسيّة تولد مع الرّضيع,وتُحدث عنده نشوة تعادل الكبار.و ينصح الأولياء بإعانة أبنائهم على تحصيل المتعة الجنسيّة عندهم بداية السنة الثانية من مولدهم. و يستطرد كينساي قائلا أنّ ممارسة الجنس بين الراشدين و الأطفال ينتج مُتعة لديهما على حدّ السّواء. فلا يكون من الحكمة معاقبة البالغين على ممارسة الجنس مع الأطفال و يعتبر ذلك ضدّ الطبيعة البشريّة.
ثانيا كينساي كان عالما في الحيوانات و الحشرات و لم يكن له أيّ بحث أو مساهمة في بحث يتعلّق بعلم الإجتماع أو الحقوق أو ما يتعلّق بالعلوم الإنسانيّة. ويعتبر بحثه هذا المبني على إستجواب عددا من الأمريكيّين على طريقة سبر الآراء هو الأوّل في هذا الشأن ، لكن ما يجب الإشارة إليه هنا هو أنّ كينساي كان شاذّا جنسيّا,وناشطا في الصفّ الأوّل لتجمّعات الشّواذ في أمريكا,عندما كان الشذوذ يعتبر جرما و يعاقبه القانون.
ثالثا يقول بول جيبهارد و هو الرّجل الثاني في فريق عمل كينساي في حوار له مأخوذ من الفيلم الوثائقي "وان اين تو " يعترف بأنّ نسبة 55 من المُستجوبين في دراسة كينساي كانوا من المساجين في قضايا جنسيّة, وباقي النسبة المائويّة توزّعت على أوساط النّوادي اللّيليّة, وأحيانا الغير قانونيّة و أشهرها نوادي شيكاجوا للشّواذ.
رابعا في بحثه عن الحياة الجنسيّة للمرأة الأمريكيّة لاحظ بعض الصحفيّين شبها كبيرا بين النّسوة اللّاتي يظهرن في الصحف الأمريكيّة ,وهنّ جالسات لكينساي يحاورهنّ. فكانت دهشة الصّحفي كبيرة و أنّ الموضوع لا علاقة له بالشّبه,و إنّما هي خدعة من كينساي لإعطاء صورة لدى القرّاء بأنّ النّساء المستجوبات محترمات,ويمثّلنا أوسط المجتمع الأمريكي. وقد إستعمل سيكريتيرة فريق العمل في كلّ الصّو,و بلباس مختلف,لأنّ النسوة اللاتي وقع فعلا إستجوابهنّ ,لهنّ مظاهر توحي بأنّهنّ مومسات أو مدمنات على الكحول أو المخدّرات.
خامسا السيناتور راييس ,قام بتحقيق رسمي باسم الكونجرس الأمريكي.ووجد أنّ ألفراد كينساي,و كلّ فريق عمله ,كان مدعوما ماليّا من مؤسّسة "روكفولور",الّتي دعمت بكلّ ثقلها في الوسط الإعلامي  و السياسي ,كلّ ما صدر عن كينساي و فريق عمله. و طبعا ألقي تحقيق السيناتور في أدراج الأرشيف.
كان يمكن أن يكون هناك سادسا و سابعا. ولكن ليس هنا المجال للتوسّع في تحقيق كينساي. وإنّما يبقى الموضوع الأساس هو صناعة القانون. فكما سبق ذكره فإنّ جون جاك روسّو ,قال بأّنّ القانون هو التعبير الحقيقي عن إرادة الجماهير. ولذلك كان كينساي, ومن وراءه يحتاجون لتحقيق يتلخّص فيه ما اعتبروه إرادة للجماهير. وعلى الرّغم من أنّ نزلاء السّجون ,والنّوادي اللّيليّة, وأوساط الشّاذين, يُعتبروا على هامش المجتمع .ولا يمكن أن يكونوا نموذجا للشعب الأمريكي- فالإعلام والأجهزة الرّسميّة للدولة بتداولهم لبحث كينساي,على أنّه علميّ,و جادّ. فذاك يكفي لتمرير القوانين. وبالتّالي تنعكس القاعدة الّتي وضعها روسّو ,لتصبح القوانين تسنّ,وبها تُصنع الإرادة عند الجماهير.
وهنا نشير لدراسة صدرت من جمعيّة للشّواذ في أمريكا في الألفينيّات. تقول بأنّ الشّواذ يمثلون ما يقارب الواحد في المائة من الشعب الأمريكي. طبعا هذا الرّقم تحصّلوا عليه بالثورة الجنسيّة الّتي عقبت بحث كينساي,أي في وسط القرن الماضي,عندما أسقطوا العقوبات على الزّنا,واللّواط ,وتداول الصّور,  والأفلام الإباحيّة, و بناء البرامج التعليميّة على التفسّخ و الفجور.ولا يهمّ هنا أن يكون رقم عشرة في المائة شواذ في أمريكا ,كما قال كينساي رقما خياليا, لا واقع له. فالقوانين سنّت. والعقليّات تأقلمت       والذّوق العام نُسج. ولا رجوع للوراء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://istinara.rigala.net
 
صناعة القوانين:بحث ألفراد كينساي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
استنارة الفكر :: الفئة الأولى :: فكر-
انتقل الى: