استنارة الفكر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

استنارة الفكر

أفمن كان ميّتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظّلمات ليس بخارج منها
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مفهوم السيادة في المنظور الغربي: فكرة لا واقع لها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


المساهمات : 31
تاريخ التسجيل : 05/01/2016

مفهوم السيادة في المنظور الغربي: فكرة لا واقع لها Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم السيادة في المنظور الغربي: فكرة لا واقع لها   مفهوم السيادة في المنظور الغربي: فكرة لا واقع لها Emptyالثلاثاء فبراير 09, 2016 9:16 am

مفهوم السيادة في المنظور الغربي:
فكرة لا واقع لها
السيادة : مصطلح له مدلول .يقصد به السلطة العليا المطلقة ,لا شريك لها .متفرّدة بالتشريع الملزم, فيما يتعلّق بتنظيم شؤون الدّولة ,أو المجتمع .فلها حق الأمر و النّهي ,والتشريع ,والإلزام .لذلك لا يحدّ من إرادتها شيئ خارج عنها.ولا تعلوها ,أو تدانيها سلطة أخرى.
هذا تعريف السّيادة .وهو تعريف عام مرتبط بواقعها .لا يعكس وجهة نظر معيّنة .ولا يخرج أيّ تعريف آخر من هذه الدّائرة .فهي : "السلطة العليا التي لا تعرف فيما تنظم من علاقات سلطة عليا أخرى إلى جانبها"(الوجيز في النظريات والأنظمة السياسية، ص126) وهي : "وصف للدولة الحديثة يعني أن يكون لها الكلمة العليا واليد الطولى على إقليمها وعلى ما يوجد فوقه أو فيه"(معجم القانون، ص637). وعرّفت أيضا أنّها : السلطة العليا المطلقة التي تفردت "وحدها بالحق في إنشاء الخطاب الملزم المتعلق بالحكم على الأشياء والأفعال"(قواعد نظام الحكم في الإسلام، ص24).
كلّ التعريفات الاصطلاحيّة السّابقة تقرّ أنّ السّيادة سلطة فوقية لا تضاهيها و لا تعلوها سلطة ,لها حق التشريع الملزم .
كان ظهور هذه الفكرة في الغرب وتداولها و الخوض فيها ,منذ عصر النّهضة .فالمفكّرون الغربيّون منذ القرن الخامس عشر تناولوا مفهوم السّيادة لنزعها من المتحكّم فيها وهم الملوك و رجال الدّين .ووصلوا إلى أنّ هذه السّيادة لا بدّ أن تخرج من السابقين لتلحق بقوة أخرى جديدة وثائرة و هي الجماهير ,على أساس أن الخروج من الاستبداد و التحكّم هو بإلصاق السّيادة بالمجموعة التي تقيم في محيط ترابي واحد,ويجمع بينها روابط متعدّدة.سنة 1789 صدر إعلان حقوق الانسان و المواطن ,إثر الثّورة الفرنسيّة. وتمّ الإعلان على أنّ "لسيادة للأمة وغير قابلة للانقسام ولا يمكن التنازل عنها"، فأصبحت سلطة الحاكم مستمدة من الشعب, وظهرت تبعاً لذلك فكرة الرقابة السياسية والقضائية لتصرفات السلطة التنفيذية.
بهذا الإعلان تمّ الإقرار بأنّ الشّعب هو صاحب السّيادة .فهو الذي له الكلمة العليا ,بإصدار التشريعات العامّة الملزمة ,والمحافظة على النّظام العام في ظلّ تلك التشريعات ,وحلّ النّزاعات إنطلاقا من التّشريعات.تمّت تسميّة هذه الأعمال المرتبطة بالشّعب بالديمقراطيّة على أساس الإرث الإغريقي الأثيني .المشكلة هنا كانت إجرائيّة ,مرتبطة بالتّطبيق .كيف يمكن تفعيل هذه الأعمال على أرض الواقع؟ .
الإجراء الأساسي الذي تمّ إقراره من قبل أصحاب هذه النّظرية :هي تفعيل عمليّة تسليم السّيادة إلى جهة أخرى منبثقة من الشّعب ,عن طريق آليّة الإنتخاب.فظهرت الدّيمقراطيّة النّيابيّة .وكانت هذه حجر الأساس في عمليّة سيادة الشّعب بتفتيت هذه السّيادة و تقسيمها .يعني إلغاؤها تماما بمعنى أنّ السّيادة الشّعبيّة التي تمّ اقرارها وقع التّخلي عنها مباشرة عند التّطبيق.وهذا يجرّ حتما إلى فهم السّيادة الغربية أنّها فكرة لا واقع لها .حيث اختزلت في مجموعة قليلة ,تنوب عن صاحب السّيادة.وتصبح هي الأغلبية .
صاحب السّيادة هو الذي له حقّ وضع الأوامر و النّواهي .وهي المسمّاة بالقانون .ويقوم صاحب السّيادة بوضع القانون الأساسي نيابة عن من انتخبه ,وفي معزل عنه ,بحيث أن من كانت له السّيادة الأصليّة ,فرّط فيها .واستسلم لكلّ ما يقدّمه صاحب السّيادة الموكّل .وإذا حسبنا بالعدد نرى أنّ السّيد المنتخب ,يمثّل مجموعة قليلة احتكرت الأمر بيدها على أساس اختيار ,مقاييسه الوحيدة حملة انتخابيّة اشهارية تكون العواطف و الميل و القربى القبليّة هي المقاييس الوحيدة ,ولا دخل للعقل فيها.لذلك الحكم أنّ نيابة مجموعة قليلة للمجموعة الأكبر لأخذ صفة الأمر و النّهي ,تكون بصفة عقلانيّة ,هي فكرة لا واقع لها .فلم يحصل أن كان هناك اختيار جماعي عقلاني ,نظرا لاختلاف الميولات و قصر نظر العقول متّحدة.
يعني في النّهاية ,ونظرا لعدم استطاعة المجموعة صاحبة السّيادة الأصليّة ,اختيار عقلاني لمجموعة قليلة منها تكون هي صاحبة السّيادة ,ونظرا لأنّ الاختيار سيكون هوائيّا ,ميوليّا حسب الذّوق ,والإعجاب ,و لحن الحديث...وليس حول القدرة على وضع الأمر و النّهي الذي يمكن به أن تطمئن المجموعة في اجتماعها الانساني – لذلك يمكن لقلّة أخرى أن تدخل على الخطّ وتخطف السّيادة من المجموع ,حسب مقياس أساسي في الاختيار و هو ما سمّي بالحملة الانتخابيّة ,او ما يسمّى بالتمويل. هذه النّقطة بالذّات ,دائما يتحدّث عنها أنّها ثغرة في عمليّة الاختيار العقلاني ,وانّه يمكن تجاوزها ,او وضع النّصوص القانونيّة لتقزيم دورها ,لكنّها بقيت أساسيّة في العمليّة الديمقراطيّة .ففي الدّول المتحدّث عنها أنها دول ذات عراقة ديمقراطيّة, مازال المال محوري في العمليّة الانتخابيّة .بل وأصبح هناك حديث أن العمليّة الانتخابيّة هي صراع وتنافس بين عمالقة المال في إيصال من يكون له الأمر و النّهي .وبهذا يصبح الموكّل لأن يكون صاحب السّيادة ,محكوما بمن سيوصله الى هذه السّيادة .وهذا نقض تام لفكرة السّيادة. فلا المجموعة صاحبة السّيادة ,ولا من ينوبهم له السّيادة .لأنّ السّيادة أوّلا لا تجزّأ ولا توهب .وثانيّا السّيادة لا تعطى لمن يتحكّم فيه .فالآمر لا يؤمر ,ولا يموّل ,ولا يكون له احتياج لمال أو لأي شيئ يمكن ان يجعله تحت إمرة أي كان .
إذن لمن السّيادة في المنظور الغربي؟
السّيادة هي أصلا لمن يأمر و ينهى , ولا يتحكّم فيه من أي جهة .والتّتبّع هنا يوصل أن صاحب السّيادة في المنظور الغربي هي لصاحب المال .لكنّه غير مرئي ,وغير واضح فهو يأمر و ينهى عن طريق من أوصلهم أمام النّاس لاختيارهم .و يكون الحكم تحت تصرّفه ,وتحت نظره ,ويخدم مصالحه وهواه ونفوذه ,لكن من وراء حجاب .هذه العمليّة تلخص لنا دهاء طبقة البورجوازيّة الغربيّة ,التي تعلّمت من الأنظمة السّابقة .وعرفت أن الظلم قصير عمره فاختارت أن تأخذ المبادرة من النّبلاء ,وتحكم .لكن ليس باسم فرد ,أو باسم الدّين.بل باسم المجموعة .بطريقة تجعل المجموعة يخيّل لها أنّها هي الآمرة النّاهيّة .وأنّها صاحبة السّيادة .وفي الأخير تطيل عمر نفوذ صاحب المال على السّلطة .وتلك هي السّيادة في المنظور الغربي.اختر من أضعه أمامك لأحكمك به.وهذا في الأصل حكم البشر :إمّا أن يكون الظالم واضحا ,أو ان يكون خفيّا .المهم أن تكون مجموعة قليلة تسيطر على المجموعة الكبيرة .لأنّ الانسان أصلا لا يقدر على أن يكون سيّدا بالمعنى الأصلي للسّيادة .
فالسّيادة لله سبحانه و تعالى .لا تعلوها سيادة أمّا البشر فمحدودية عقولهم لا تمكّنهم من الحصول على هذا الفضل.وإن أرادوا الحصول على السّيادة سيكون الفساد والظلم .
"وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناها تدميرا"
.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://istinara.rigala.net
 
مفهوم السيادة في المنظور الغربي: فكرة لا واقع لها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
استنارة الفكر :: الفئة الأولى :: فكر-
انتقل الى: